• ١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

خطاب البغدادي ما بين الهزيمة والتبرير

علي مراد العبادي

خطاب البغدادي ما بين الهزيمة والتبرير

في أعقاب استيلاء تنظيم داعش على مدينة الموصل العراقية منتصف عام 2014 ظهر زعيم التنظيم أبو البكر البغدادي أو ابراهيم السامرائي من على منبر صلاة الجمعة في جامع النوري التاريخي ليعلن من هناك خلافته الإسلامية على العراق والشام بامتداد الجزيرة العربية وسائر البلاد الإسلامية حتى تخوم أوروبا، في محاولة للسير على نهج الخلفاء الراشدين بحسب ما زعم، وبعد قرابة الخمسة أعوام من ذلك الظهور العلني يطل علينا البغدادي من جديد في بث فيديو بعد هزيمة التنظيم وانتهاء أرض التمكين وأرض الخلافة، ومن هذا المنطلق فقد سارع المختصون والمتابعون لأبداء الآراء حول توقيت الظهور وأسبابه إضافة إلى دلالاته والتحليل النفسي والشكلي لما بدأ عليه أبو بكر البغدادي بعد سنوات الهزيمة.

كيف بدأ البغدادي

ظهر في الفيديو البغدادي وعلامات التقدّم بالسن واضحة عليه لا سيّما بياض لحيته كثيراً عمّا كانت عليه في عام 2014، إضافة إلى أنّ يديه خالية من خاتم الخلافة والذي كان يرتديه وهو مدلول واضح على الاعتراف بالهزيمة، أيضاً طالما ارتدى البغدادي لعمامة الخلافة باعتبارها رمزاً للعلم والوقار، وفي هذا الظهور قد استبدلها بشيء من القماش الأسود، وفضلاً عن كلّ ذلك فإنّ الزعيم المهزوم قد ارتدى سترة القتال وهي سترة طالما استخدمها مقاتلو القاعدة والتنظيم كزي لأيّام القتال، ولا ننسى السلاح الذي ظهر بجانبه وهو من نوع كلاشنكوف قصير ويشبه تماماً ذلك الذي كان يظهر بجانب زعيم القاعدة أُسامة بن لادن وربّما أراد البغدادي اعتبار نفسه امتداداً له.

أمّا مجموعة الملفات التي ظهرت في شريط الفيديو فهي لما تبقى من نفوذه في تلك المناطق وربّما توجه جديد نحو الارتكاز عليها كما في ليبيا، والشيء المستجد هو ظهور ولاية تركيا وهو ما لم يعتاد عليه التنظيم ويعتبر مصطلح جديد قد يؤشر لدلالات أُخرى كرسالة تهديد أو إنّها الهدف القادم أو لربّما حث مقاتليه لتنفيذ هجمات هناك، وفي دلالات الخطاب فهي اعتراف بالهزيمة ونهاية دولة الخلافة وتبرير ذلك بأنّ مقاتليه ضحّوا بأرواحهم ولم يستسلموا.

الرسالة والأهداف

بعد هزيمة التنظيم في أخر معاقله في الباغوز السورية ظهرت انشقاقات كبيرة في صفوف مقاتليه، إضافة إلى تعالي أصواتهم حول مصير زعيمهم وتركهم يجرون ذيول الهزيمة بمفردهم في حين يختبأ البغدادي في الصحاري، وقد يكون هذا الخطاب رسالة واضحة لهم لاستجماع شتات ما تبقى من مقاتليه، إضافة إلى إشادته بأحداث سيريلانكا، وبأنّ أفراد التنظيم سيعاودون الانتقام مستقبلاً، إمّا مستشاروه الذين ظهروا بجانبه فقد ارتدوا أزياء مختلفة كلّ منها يعبّر عن زي يمثّل دولة معينة، إضافة إلى أنّ أقربهم إليه كان يرتدي الزي السعودي، وفي خضم تلك الرؤى فأنّ البعض قد عد توقيت وملامح وطبيعة ظهور البغدادي ربّما يؤشّر لمرحلة جديدة يسعى إليها التنظيم في دول جديدة لتكرار أحداث 2014 ربّما ليبيا الهدف الأقرب.

وأخيراً فإنّ دلالات الخطاب وهذا الظهور هو خير دليل على هزيمة التنظيم واعترافه بذلك، وهي محاولة للاحتفاظ بما تبقى من أفراده المشتتين كدعم معنوي لردم الخلافات حول مصير زعيمهم، وقد يكون هناك أجندة مخابراتية دولية وظّفت البغدادي لمآرب أُخرى لا سيّما مع تصاعد وتيرة الخلاف الأمريكي التركي على أثر صفقة أس 400 الروسية وربّما مصطلح ولاية تركيا يثبت ذلك وتبقى جميع الاحتمالات واردة.

ارسال التعليق

Top